الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

المغرب تحت نظام الحماية

المغرب تحت نسق الدفاع

خلاصة الوحدة:

شاركت الظروف الداخلية والخارجية التي عرفها المغرب ابتداء من سنة 1900 في إمضاء عقد الدفاع يوم 30 شهر مارس 1912، فدخل المغرب تحت نسق الدفاع، واعتمد ذلك الإطار على عدد من الأجهزة والمؤسسات. وبرهن المغاربة عن رفضهم لذلك الإطار في الطليعة بالصمود المسلحة. فكيف فرض عقد الدفاع على المغرب ؟ وما هي أبرز أجهزة ومؤسسات نسق الحراسة ؟ وما هي نماذج الصمود المسلحة التي واجهت ذلك الإطار ما بين 1912 و1934 ؟

1. التوجه التاريخي لفرض عقد الحراسة على المغرب، ومضمون ما نصت عليه بنوده.

1.1. دور الظروف الداخلية والخارجية في فرض عقد الدفاع على المغرب

شهد المغرب في طليعة القرن 20م حالة داخلية عسيرة، فمن الناحية السياسية، واجهت السلطة المركزية اندلاع حركات أبرزها الحركة التي تزعمها الجيلالي بن إدريس الزرهوني المعلوم ببوحمارة في شمال في شرق المغرب، ودامت تلك الحركة من 1902 إلى 1909. كما واجهت الانتزاع الفرنسي لمناطق بالجنوب من الشرق ثم انتزاع مدينتي وجدة والدار البيضاء سنة 1907. وواجه السلطان مولاي عبد العزيز نتيجة لـ تلك الأحداث معارضة تزعمها شقيقه مولاي عبد الحفيظ اختتمت لصالح ذلك الأخير سنة 1908.
ومن الجهة الاستثمارية، عرف المغرب أزمة مالية لأسباب منها تتالي سنين الجفاف، وامتناع المحميين عن صرف الرسوم، وعدم تنفيذ سياسة المركز الهادفة إلى الإصلاح الجبائي، ودفع ذلك الحال إلى الاقتراض من أوربا الأمر الذي ازداد في قلة تواجد عائداته المالية.
وفي نفس المرحلة التي تأزم فيها الحال الداخلي للمغرب، زاد التنافس الاستعماري بخصوص المستعمرات، وفي ذلك النسق عقدت بعض الدول الأوروبية اتفاقيات ثنائية متكافئة بخصوص المغرب، وفي سنة 1906، عقدت لقاء الجزيرة الخضراء الذي اعترف بالسيادة المغربية وبالامتيازات الفرنسية والاسبانية في المغرب. وبعد التفاهم الفرنسي الألماني بخصوص المغرب والكونغو، استغلت الجمهورية الفرنسية القلاقِل الداخلية كأحداث مكناس وفاس، ففرض على السلطان الإمضاء على عقد الدفاع.

1.1. مؤكد بنود عقد الحراسة

حدث عقد الحراسة السلطان مولاي عبد الحفيظ، ومبعوث الجمهورية الفرنسية رينو، ويتكون ذلك العقد من تسعة بنود، يمكن تصنيف مضمونها إلى قسمين، وهما الصلاحيات المخولة للإدارة المغربية، والصلاحيات المخولة للإدارة الفرنسية. فبالنسبة للإدارة المغربية، اعترف العقد بتبجيل الشركة السلطانية والشعائر الدينية للمغرب وبالحكومة المخزنية المحلية لكن صلاحياتها كانت رمزية. أما الإدارة الفرنسية فإن عقد الحراسة خول لها حق انتزاع المغرب عسكريا وإدخال إصلاحات شاملة وفق منظورها، وبتمثيل المغرب على المستوى الخارجي والتفاوض مع اسبانيا بخصوص المغرب، وتحديد مصير طنجة، وبالتالي وضع عقد الحراسة مصير المغرب بيد الإقامة العامة الفرنسية التي كان يرأسها المقيم العام بالرباط.

1. أجهزة ومؤسسات نسق الدفاع بالمغرب

1.2. أجهزة ومؤسسات نسق الحراسة في المساحة السلطانية

تمثل المساحة السلطانية أكثر الأنحاء التي قسم المغرب إليها في فترة حكم الحراسة من حيث عدد السكان والمنطقة والقدرات الاستثمارية، وقد كانت خاضعة للاحتلال الفرنسي. وتنقسم أجهزة ومؤسسات الدفاع فيها إلى مركزية وجهوية ومحلية. فعلى المستوى المركزي، أصبحت الرباط عاصمة ابتداء من شتنبر 1912 وتوجد فيها الإقامة العامة وعدد من الإدارات والمكاتب، مهمتها الإشراف على التسيير الفعلي لنظام الحراسة، ومراقبة الإدارة المخزنية، وإصدار الظهار باسم السلطان، وقد كان الجنيرال ليوطي أول مقيم عام شارك في إرساء نسق الدفاع. أما جهويا فقسمت المساحة إلى ثلاث جهات مدنية وهي الرباط ووجدة والدار البيضاء، وثلاث جهات عسكرية وهي فاس ومكناس ومراكش، وعلى جنوب مصر الإقليمي، كان المراقب المواطن يشرف على الإدارة في الجهة المدنية، وضابط شؤون الأهالي في الجهة العسكرية، وسخرت أجهزة ومؤسسات الدفاع الفرنسية لصالحها جهازا مغربيا كونته من القواد والشيوخ والباشوات.

2.2. أجهزة ومؤسسات نسق الحراسة في المساحة الخليفية

يعني بالمساحة الخليفية الميدان المغربي الذي احتلته إسبانيا، ويتكون من أربع أنحاء وهي الشريط الذي بالشمال، وسيدي إفني، وطرفاية، وفي النهاية الساقية الحمراء ووادي الذهب، وعلى رأس الإدارة المركزية بتطوان المندوب السامي الذي كان يعتمد في التسيير على خمس إدارات كانت تسمى بالنيابات. وعلى جنوب مصر الجهوي، قسمت إسبانيا على طريق المثال الشريط الذي بالشمال إلى خمس جهات، وهي اللوكوس، وجبالة، وغمارة، وكرت، والريف. أما على مصر العليا الإقليمي، فاعتمدت على القناصل في المدن، والضباط العسكريين في البوادي، واستعانت بدورها بخدمات الإدارة المغربية التي كان خليفة السلطان على قمتها بتطوان.

3.2. أجهزة ومؤسسات نسق الحراسة في المساحة العالمية

تشكل مساحة طنجة أدنى الأنحاء التي قسم المغرب إليها في فترة حكم الحراسة من حيث المنطقة وعدد السكان، وحالت الحرب الدولية الأولى دون إحراز أجهزة ومؤسسات الإطار العالمي فيها إلى عاقبة سنة 1923 وتتمثل أكثر أهمية أجهزة نسق الحراسة في المجلس التشريعي الذي خول للأجانب 18 مقعدا من أصل 27 بالرغم من قلة عددهم، ثم المحكمة المختلطة التي كان يشرف عليها قضاة أجانب، ولجنة الرصد التي مكنت المعمرين من فرض السيطرة على بقية المرافق الإدارية والسياسية. أما الإدارة المغربية التي كان مندوب السلطان على قمتها، فكانت مهمتها حماية وحفظ الأمن وجعل المغاربة يحترمون الحال العالمي لطنجة.

2. الصمود المغربية المسلحة لنظام الدفاع ما بين 1912 و1934.

2.1. نماذج الصمود المغربية المسلحة

شملت الصمود المسلحة لنظام الدفاع غير مشابه أنحاء المغرب، ففي مرحلة 1912- 1934، التي عملت فيها دولة فرنسا واسبانيا على إرساء دشن الحراسة، برزت مقاومات قبائل اكتسبت شهرة على مستوى المغرب وخارجه، ففي الجنوب التابع للغرب، قاد أحمد الهيبة القبائل الواقعة مابين الساقية الحمراء ومراكش، وواجه مجموعات الجنود الفرنسية في موقعة سيدي بوعثمان شتنبر 1912، أما موحا أوحمو الزياني فقاد قبائل الأطلس الوسطي واستكمل هزيمة بالقوات الفرنسية في موقعة لهري نونبر 1914. أما في الريف فتزعم محمد بن عبد الكريم الخطابي مقاومة تمكنت عقب المكسب في موقعة أنوال يوليوز 1921 من طرد الأسبان من أغلب الأنحاء التي احتلوها في الشمال، ومن تخويف الانتزاع الفرنسي. وشكلت مقاومة قبائل الأطلس العظيم وتافيلالت بزعامة عسو أوبسلام حلقة أخرى من حلقات الصمود المسلحة بصمودها في موقعة بوكافر شباط 1933.

2.2. ضرورة الصمود المسلحة المغربية

يكمن الدور الذي قامت به الصمود المسلحة لنظام الدفاع في عديدة جوانب، فمن أثناءها عبر المغاربة عن رفضهم لذلك النسق، وقدموا في طريق هذا أرواحهم، وألحقوا بمجموعات جنود الانتزاع خسائر عينية وبشرية، وعبر قادة الانتزاع عن صمود القبائل المغربية بكون أية قبيلة لم تقبل بالنظام الحديث سوى بعدما استنفذت غير مشابه وسائل الصمود. وعبرت المرأة المغربية عن شجاعتها أثناء تلك الصمود بمساهمتها بحمل السلاح ودواء المجروحين وتحميس الرجال على الصمود. كما تكمن ضرورة تلك الصمود في كونها واجهت بإمكانيات مقيدة قوات الاحتلال الذي سخر في المواجهات العسكرية الأساليب الدبلوماسية والأسلحة الجديدة. ولم تتراجع الصمود المسلحة سوى بعدما مهدت لظهور الصمود السياسية التي واجهت نسق الحراسة بطريقة آخر.
خاتمـة
أجدد نسق الدفاع بالمغرب أجهزة ومؤسسات مكنته من متابعة انتزاع المغرب، كما ساعدته على تسخير ثرواته الاستثمارية، فكيف شهر مارس الاستخدام استغلاله للمغرب في فترة حكم الدفاع ؟

=================================
عقد الحراسة: يعلم بمعاهدة الحراسة التي وقعت بفاس يوم 30 آذار 1912 بين المغرب وفرنسا، ويتكون العقد من ديباجة وتسعة فصول منصوص بها على صلاحيات كل من الإدارة الفرنسية والإدارة المغربية.

الحراسة: شكل من أنواع الاستعمار، يعتمد ظاهريا على وجود إدارة أجنبية في البلد المحمي تعاون الإدارة المحلية، ومن حيث العمق، فإن الإدارة الأجنبية هي المتحكمة في التسيير
أحمد الهيبة: ابن الشيخ ماء العينين بويع أميرا للجهاد بتزنيت سنة 1912 وقاد الصمود في الجنوب مقابل الجمهورية الفرنسية واسبانيا حتّى مات سنة 1919.
موحا أوحمو الزياني: من أبرز زعماء الصمود المسلحة بالأطلس المعتدل، ولد نحو 1877، واستمر في مقاومة الانتزاع الفرنسي حتّى نال الشهادة سنة 1921.
محمد بن عبد الكريم الخطابي: ولد بأجدير 1883، وتزعم الصمود مقابل الأسبان بالريف عقب المقاوم محمد أمزيان. وشكلت الصمود التي نظمها نموذجا لحرب التحرير في العالم الثالث، استسلم في أعقاب معارك مقابل مجموعات الجنود الاسبانية والفرنسية سنة 1926، ونفي إلى جزيرة لارينيون، وخلال نقله إلى الجمهورية الفرنسية، لجأ إلى جمهورية مصر العربية وتزعم مكتب المغرب العربي لحماية استقلال الدول المغاربية، وتوفي بالعاصمة المصرية القاهرة سنة 1962.
عسو أوبسلام: زعيم قبائل أيت عطا، تزعم الصمود المسلحة مابين 1930 و1933، بحوضي دادس وغلايس، وبجبال صاغرو. وافته المنية سنة 1963

مقتططف من موقع Edouros

0 التعليقات:

إرسال تعليق